مُغلق من قبل النيابة … عندما تتحول العدالة إلى أداة لتدمير الاقتصاد وقطع أرزاق الناس
الشاهد برس | عبدالسلام المساجدي .
“مغلق من قبل النيابة” … خلف هذه العبارة تتكشف مآسٍ اقتصادية واجتماعية طالت شركات ومشاريع كانت ذات يوم تقدم خدماتها للمجتمع لكنها اليوم أصبحت شاهدة على خسائر فادحة ليس فقط لأصحابها، بل لمئات الموظفين الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل وآلاف الأسر التي فقدت مصدر رزقها الوحيد.
قرارات الإغلاق هذه لا تقتصر أضرارها على الداخل المؤسسي فقط بل تمتد لتشوه سمعة هذه الشركات وتفقد العملاء والمستهلكين الخدمات التي كانوا يعتمدون عليها مما يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيارها التام وإعلان إفلاسها بشكل مفاجئ.
المفارقة العجيبة هنا أن هذه الإجراءات التي قد تكون مبررة في بعض الحالات لا تأخذ بعين الاعتبار الكوارث التي تتركها في أعقابها أليس من الأجدى للنيابة العامة أن تعتمد آليات بديلة أكثر حكمة وإنصافًا؟ لماذا لا يتم تكليف لجنة مالية وإدارية مستقلة تعمل تحت إشراف النيابة، لإدارة هذه الشركات بشكل مؤقت وضمان استمرار عملها مع توريد الإيرادات إلى خزينة الدولة “صناديق المحاكم أو النيابات” إلى حين الفصل في القضايا العالقة؟ أليس هذا النهج أكثر عدلاً؟ فهو يحفظ حقوق الأطراف المتنازعة ويحمي مصالح الموظفين ويجنب المجتمع آثار الانهيارات الاقتصادية التي تضر بالجميع.
لا شك أن السياسات الحالية للإغلاق الفوري والشامل دون وجود خطة لإدارة الأزمات تعكس غياب الرؤية الاقتصادية المستدامة للدولة وتُظهر النيابة بمظهر الجهة التي تعاقب الجميع دون تمييز بما في ذلك الموظفين والأسر التي لا علاقة لها بالخلافات القانونية هذه الإجراءات بحاجة إلى مراجعة شاملة فالقانون يجب أن يكون وسيلة لتحقيق العدالة لا أداة لتدمير الاقتصاد وقطع أرزاق الناس.
وعطفًا على ما سبق فإن معالجة هذه الأزمة تتطلب رؤية شاملة وتنسيقًا مؤسسيًا يعكس توازنًا بين تحقيق العدالة وحماية الاقتصاد الوطني لذا، ندعو إلى تشكيل لجنة مشتركة تضم وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار ووزارة العدل وحقوق الإنسان إلى جانب النيابة العامة ومجلس القضاء الأعلى تكون هذه اللجنة معنية بوضع آليات وإجراءات قانونية تراعي حماية حقوق جميع الأطراف وتحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تسببها قرارات الإغلاق.
كما أن من شأن هذه اللجنة العمل على صياغة سياسات تضمن استمرار عمل الشركات المتضررة تحت إشراف قانوني وإداري مع الحفاظ على سمعتها التجارية وضمان حقوق الموظفين والعملاء بما يحقق التوازن بين العدالة وحماية الاقتصاد والمجتمع المحلي من الانهيار.